الاستعمار الألماني في القارة الإفريقية 1 : حالة بورندى رواندا

الاستعمار الألماني في القارة الإفريقية 1 : حالة بورندى رواندا

بدأت رغبة الألمان في الاستعمار الخارجي منذ منتصف القرن التاسع عشر وبدأت الجمعيات العلمية في إرسال البعثات الاستكشافية

مقدمة 

تبدأ سلسلة المقالات هذه بعام 1884 حيث أنه العام الذي تم فيه مؤتمر برلين وفيه كان تقسيم الدول الإفريقية كمستعمرات لصالح الدول الأوروبية ، وتنتهي بعام 1994 حيث قامت الحرب الأهلية في رواندا وبورندي والتي راح ضحيتها الألاف من البشر نتيجة للحرب التي قامت بين جماعتى (الهوتو والتوتسي) حيث كانت مذبحة جماعية بل إبادة حاولت القضاء على البشر.

 ومن هنا نبدأ في سرد الأحداث المتلاحقة التي سببت اندفاع ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية نحو استعمار القارة الإفريقية.

الدوافع الألمانية لاحتلال القارة الإفريقية: 

   حتى بداية القرن التاسع عشر لم تستطع ألمانيا اللحاق بالثورة الصناعية التي اجتاحت دول أوروبا ، ويمكننا أن نرجع ذلك لعدد من العوامل وهي:

  • عدم الاستقرار السياسي داخل ألمانيا بسبب حروب نابليون وفرض غرامات مالية ضخمة عليها مثل دويلة بروسيا التي دفعت مبالغ مالية هائلة تقدر بنحو 602 مليون فرنك.

  • الطبيعة الجغرافية التي جعلت ألمانيا عبارة عن مجموعة من الولايات حيث كل ولاية تحكمها قوانينها الخاصة بها ( مما جعلها لا تستطيع الانتفاع بالمواد الخام بسبب سلسلة الحواجز الجمركية.

  • تمسك الشعب الألماني بالأرض والزارعة.

  • عدم توافر رؤوس الأموال اللازمة للبدء بالتصنيع.

  • عدم توافر عمالة ماهرة وأسواق لبيع المنتجات.

    إلا أنها بعد الحرب النابليونية بدأت ألمانيا في عمل إصلاحات إدارية ومالية ولكن الثورة الصناعية بها تأخرت حتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر حينما بدأت عملية استغلال الفحم والصلب والحديد ، ثم حققت ألمانيا وحدتها وانتصرت على الجيوش الفرنسية وتحول الشعب الألماني من شعب محب للآداب والفنون والشعر إلى شعب مأخوذ بقوة السيف  والنار ، فاتحد ذلك بوجود حكومة قوية آمنت بنظام التصنيع وبغضت فكرة الحرية الاقتصادية ووجهت الشعب الألماني نحو التصنيع مستغلة ما أخذته من تعويضات من فرنسا بلغت نحو خمسة ملايين فرنك ، واستطاعت ألمانيا أن تتفوق في صناعة الغزل والنسيج ولكن نتيجة لعدم توسع ألمانيا الاستعماري لم تجد المنتجات سوقا لتصريفها علاوة على ذلك فسياسة بسمارك (رئيس وزراء المانيا وقتها ) الذي حاول الحفاظ على السلم حتى تظل ألمانيا موحدة جعل المنتجات البريطانية تسبق الألمانية.

    لكن قوة التكتلات الألمانية الصناعية وتقدمها في صناعة الفحم والصلب والحديد هدد من مصالح أصحاب رؤوس الأموال البريطانية ، فلم يكن على الحكومة البريطانية سوى التوجه إلى الاختيار من بين ثلاث بدائل لتقليل نفقات الإنتاج الخاصة بها ومنافسة المنتجات الألمانية والفرنسية وهى:

  • التدخل الحكومي في الحركة الصناعية وهو الأمر الذي رفضه أصحاب رءوس الأموال.

  • عمل تكتلات للمصانع البريطانية تشبه التكتلات الألمانية وهو أمر يرفضه أصحاب رءوس الأموال أيضا.

  • الحصول على مواد خام بسعر أرخص ، وهذا سيتحقق بالسيطرة على الدول الغنية بالمواد الخام ونقل تلك المواد للبلاد.

بدأت رغبة الألمان في الاستعمار الخارجي منذ منتصف القرن التاسع عشر وبدأت الجمعيات العلمية في إرسال البعثات الاستكشافية إلى إفريقيا وبعضا من العلماء الذين تم إرسالهم فقدوا حياتهم في منطقة شرق إفريقيا ثم تألفت الجمعيات الاستعمارية والتي ترأسها المغالون الذين يرغبون في الضغط على الحكومة الألمانية حتى تنتهج نهج الدول الأوروبية الأخرى في الاستعمار ، فأتجه كارل بيترز إلى شرق إفريقيا وجمع التوقيعات المؤيدة لوضع تلك الدول نفسها تحت الحماية الألمانية ، في نفس الوقت تطورت الصناعة الألمانية بشكل كبير وبدأت تنافس المنتجات الفرنسية كما تطورت صناعة السفن بشكل كبير وزادت الحاجة لموارد البلدان الحارة لاستخدامها في الصناعة وأيضا الحاجة للإبحار وتسويق المنتجات الألمانية وفي نفس الوقت عملت كل من بريطانيا وفرنسا على نقل منتجاتها على السفن التابعة لها فأصبحت ألمانيا بحاجة شديدة لتلك المستعمرات ، فعمل رجال الأعمال على إقامة الشركات المساهمة على ساحل غانا .

2017-01-25_18-10-43

سهولة توغل الاستعمار الألماني بالقارة الإفريقية: 

    كانت مرحلة استعمار القارة الإفريقية هي خطوة رئيسية في أعقاب الثورة الصناعية في الدول الأوروبية ، ومهدت الأوضاع في القارة الإفريقية لذلك الاستعمار حيث : وفرة المواد الخام وتوافر المنتجات الزارعية الأولية التي اصبحت الدول الأوروبية تفتقدها بسبب هجرة العمالة الزارعية نحو مجال الصناعة ، انتشار الأمراض والأوبئة داخل القارة الإفريقية بالإضافة إلى المناخ  الذي جعل الكسل طبيعة لسكان المنطقة وأدى إلى تراكم الثروات دون استغلالها وجعل النظام القبلي هو النظام السائد ، كما كان الناس يرضخون للزعماء والقادة رغبة منهم في تلقي أفضل خدمة أو ميزة فزجوا بأنفسهم تحت قبضة هؤلاء الزعماء الذي كانت المصلحة الشخصية هي المحرك الرئيسي لهم ، وكانت الملكية الفردية معدومة وبالتالي لم يكن هناك رغبة في حماية الأراضي أو الممتلكات ولم يكن هناك روح وطنية وقومية وبالتالي لم تجد القوى الاستعمارية من يقف في وجهها دفاعا عن الأرض والوطن وكان الزعماء يرغبون في الحفاظ على مواقعهم فسهلوا عليهم عملية التفاوض ، علاوة على ذلك فغياب الثقافة في المجتمعات الإفريقية وأيضا ضعف أسلحتهم مقارنة بأسلحة المستعمر صعب من عملية مواجهة الاستعمار.

دور مؤتمر برلين :

    بدأ الرأسماليون وأصحاب الشركات في اختيار الأماكن التي يرغبون بها لتكون سوق لتصريف منتجاتهم ولكن مع زيادة الأطماع بدأت تحدث الخلافات والتصادمات بينهم فلم تجد برلين مفر سوى عقد مؤتمر برلين في 15 نوفمبر عام 1884 مكونا من مندوبي ألمانيا وبلجيكا وفرنسا والنمسا والدنمرك وأسبانيا والبرتغال وانجلترا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا  وايطاليا وتركيا ، ونص المؤتمر على مجموعة من القرارات والتقسيمات التي لم تراع حقوق المواطنين وعادتهم وتقاليدهم أو ممتلكاتهم ، فكانت منطقة شرق إفريقيا من نصيب شركة المستعمرات الألمانية وبعد ضغط من الرأي العام على المستعمرات البريطانية أخذت ألمانيا الجزء الجنوبي الشرقي.

فى المقالة القادمة نناقش مراحل توغل الاستعمار الالمانى شرق أفريقيا 

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

أحدث الموضوعات

الكتاب الاكثر تفاعلا

الموضوعات الاكثر تعليقا

فيديوهات مميزة