في الثامن من شهر فبراير الجاري أجرى البرلمان الصومالي الجولة الأخيرة من الانتخابات لاختيار الرئيس التاسع للدولة التي تعيش فوضى أمنية وسياسية منذ ما يقارب ثلاثة عقود، وقد أسفرت النتائج عن فوز محمد عبدالله فرماجو، الأكاديمي الذي يحمل الجنسية الأمريكية وشغل منصب رئيس الوزراء في الفترة من أكتوبر 2010 حتى يونيو 2011، بمنصب الرئيس.
ورحبت الأطراف الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وروسيا والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، بانتخاب محمد عبد الله فرماجو رئيسًا لجمهورية الصومال الفيدرالية معتبرة أنه يشكل حدثًا هامًا في مضي البلاد قدمًا على طريق المصالحة الوطنية وإعادة بناء الدولة.
وعلى الصعيد الداخلي مثل فوز فرماجو بمنصب الرئيس ضربة قوية لتيارين سياسيين أساسيين في المشهد الصومالي؛ أولهما التيار القبلي إذ اعتمد فرماجو على تحالف جيل الشباب والمرأة الصومالية اللذين كان لهما حضورا قويًا في مواجهة زعماء العشائر الذين ظلوا لسنين مسيطرين على مجريات المشهد، وثاني التيارين هو الإسلام السياسي؛ إذ إن المنافسين الخاسرين أمام فرماجو في الجولة الأخيرة من الانتخابات هما شيخ شريف شيخ أحمد الرئيس الأسبق للصومال وزعيم ائتلاف المحاكم الإسلامية سابقًا، وحسن شيخ محمود الرئيس السابق مباشرة لفرماجو والمحسوب على التيار الإخواني.
وتأتي الانتخابات الصومالية الأخيرة في ظل مشهد أمني يغلب عليه الاضطراب؛ فإلى جانب التهديد القائم لحركة الشباب المجاهدين والذي كان آخر دلائله الهجوم المزدوج الذي استهدف فندقًا وسط العاصمة مقديشو في الخامس والعشرين من يناير الماضي مسقطًا عشرات القتلى والجرحى، برز تنظيم الدولة الإسلامية داعش مؤخرًا كتهديد أمني إضافي بعد أن كثف من هجماته التي تزامن آخرها مع عقد الجولة الأخيرة من الانتخابات يوم االثامن من فبراير الجاري عندما نفذ مسلحون هجومًا على فندق بمدينة بوصاصو في بونتلاند شمال شرق البلاد أسفر عن مقتل ستة أشخاص.
وكان تنظيم داعش أعلن عن وجوده في الصومال في منتصف أكتوبر 2015 حين أعلن الشيخ عبدالقادر مؤمن، وهو عضو سابق في حركة الشباب المجاهدين، في تسجيل مصور مبايعة أبي بكر البغدادي وولاءه للتنظيم الذي كان يسيطر حينها على مساحات شاسعة في العراق وسورية.
وفي ظل هذا المشهد المرتبك يرى مراقبون أن انتخاب عبدالله فرماجو قد يكون نقطة انطلاق لتقليص تهديدات كل من حركة الشباب وتنظيم داعش.
يقول جبريل الكتبي، مدير المعهد الصومالي للدراسات السياسية والأمنية، إن “نتائج الانتخابات يمكن أن تؤثر على المشهد الأمني الصومالي إيجابًا وذلك لعدة أسباب، أهمها أن الرئيس المنتخب له شعبية كبيرة لدى الشارع الصومالي برزت في خروج مسيرات حاشدة مؤيدة له فور انتخابه في جميع أنحاء البلاد، كما لديه شعبية لدى الصوماليين في الشتات وفي المهجر، وبالتالي يمكنه الاستفادة من التأييد الشعبي لدحر حركة الشباب الإرهابية”.
ويضيف جبريل، في تصريحات إلى “البوابة”: “سبق وأن تولى الرئيس المنتخب رئاسة الوزراء في عهد الرئيس الصومالي الأسبق شيخ شريف، وفي تلك الفترة نجح في إخراج حركة الشباب من العاصمة من خلال قيامه بتحسين الظروف المعيشية لأفراد الجيش؛ ولذلك فمن المتوقع أن يقوم ببناء الجيش ومن ثم مواجهة حركة الشباب وإخراجها من جميع البلدات والقرى الواقعة تحت سيطرتها”.
وتابع الكتبي أن تنظيم داعش في الصومال بوضعه الحالي “لا يمثل خطرًا ذا بال للحكومة الصومالية؛ نظرًا لأن عمليات التصفية لقادته التي شنتها حركة الشباب المجاهدين أضعفت من قوته كثيرا وحصرته في منطقة نائية بولاية بونتلاند شرقي البلاد.
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *