كان (ليفنجستون) أول منصِّر وصل إلى ملاوي في سنة 1859م, وتعاقبت البعثات التنصيرية في السنوات التالية، وقد وجد المنصرون الإسلام منتشرًا بين قبائل الياو …
تقع مالاوي في الجنوب الشرقي من وسط القارة الأفريقية، تحدها تنزانيا من الشمال والشمال الشرقي، وموزمبيق من الشرق والجنوب، وزامبيا من الغرب .
كانت تعرف باسم (نياسا لاند)، حاولت البرتغال فى فترة الاستعمار فى القرن ال19 الاستيلاء عليها لتصل بين مستعمرتيها ( أنجولا وموزمبيق )، ولكن السير (سيسل رودس)، كون شركة استثمارية وأخذ حق استغلال ثروات تلك المنطقة، وشجع هذا الرجل ( رودس ) البريطانيين على الإقامة بوسط منطقة جنوب أفريقيا( مالاوى ) وأعلن عن قيام محمية نياسالاند في سنة 1309هـ / 1891م، وظلت المحمية نياسالاند تخضع للحكم البريطاني حتى نالت استقلالها في سنة 1964م، وعرفت عندها بجمهورية ملاوي.
ينتمى سكان ملاوي إلى عدة قبائل من زنوج البانتو، ويتكونون من جماعات النيانجا (Nyanja) في الجنوب، والشوا (Shewa) في الوسط، والتومبوكا (Tumbwka) في الشمال، والنجوني (Ngoni)، والياو (Yao)، ولوموى (Lomwe) وهؤلاء قدموا من موزمبيق.
يصل عدد سكان مالاوى إلى 18 مليون نسمة منهم 4 مليون نسمة من المسلمين أى ما يقرب من 25 % من السكان و يذكر أن مالاوى كانت قبل الاستعمار البريطانى يشكل المسلمين فيها نسبة 65 – 70 % من السكان ( أى قبل 100 عام فقط ) فكيف تحولت مالاوى من الإسلام إلى المسيحية ؟؟!!
تاريخ الاسلام فى مالاوى
دخل الإسلام هذه البلاد عن طريق الدعاة والتجار المسلمين في أيام إمبراطورية الزنج الإسلامية، والتي كانت تتخذ من مدينة كلوة ( فى شرق افريقيا ) عاصمة لها بعد تأسيسها في سنة (955هـ)، كما أسهم العمانيون بجهد كبير في نشر الإسلام أيام دولة آل سعيد في شرقي أفريقيا، وازدهر الإسلام في هذه المنطقة في القرن العاشر الهجري.
وكان للتجار المسلمين علاقة تجارية مع مملكة (مونوموتابا)، وقدر عدد التجار المسلمين في القرن الخامس عشر الميلادي بعشرة آلاف، ووصل نشاط التجار المسلمين إلى بحيرة نياسا، وهكذا انتشر الإسلام بين قبائل الياو، والنجوني، والشوا، كما وصل الإسلام إلى ملاوي عن طريق محور آخر ايضا عن طريق التجار السواحليين، وتزعم هذا المحور التاجر جومبي سالم بن عبد الله (Jumbe Salim)،في سنة 1840م وكان يرسل قوافل المسلمين التجارية شرقًا إلى زنجبار، وغربًا إلى كاسونجو، واستمر نشاطه هو وخلفاؤه مدة خمسين عامًا، حتى جاء البريطانيون إلى المنطقة وأخرجوا خلفاء جومبي إلى زنجبار.
بداية التنصير ف مالاوى
مع وصول الأوربيين لاستعمار المنطقة أتى معهم المنصرين فكان (ليفنجستون) أول منصِّر وصل إلى ملاوي في سنة 1859م, وتعاقبت البعثات التنصيرية في السنوات التالية، وقد وجد المنصرون الإسلام منتشرًا بين قبائل الياو (Yao) والجومبي (Jumbe). وقد ذكر السير (الفريد شارب) حاكم نياسا في 1910م ، أن الإسلام منتشر بين الياو، ففي كل قرية من قراهم مسجد وتجار من المسلمين .
تأسس أول مقر لبعثة تنصيرية في سنة 1861م ، في ماجومرو (Magomro) بين قبائل الياو، ثم أغلق هذا المركز بعد عامين لفشل التنصير بين المسلمين، ولم تحقق البعثات التنصيرية أي نجاح في السنوات التالية، وفي سنة (1292هـ – 1875م)، أقامت البعثة التنصيرية الثانية مقرًّا لها بين (الياو) في منطقة (كيب ماكلير) وبعد 6 سنوات استطاعت أن تنصِّر فردًا واحدًا، لهذا نقلت مقرها إلى مدينة ليفنجستونيا، وهكذا لم تحقق أي نجاح .
بالاضافة إلى عنصر الجماعات التنصيرية كانت السياسة ايضا تخدم هذا الغرض الدينى التنضيرى , فقد احتلت مالاوي من قبل بريطانيا وعين ديفيد لفين استون قائدا لها، وبدأ في استخدام القوة المفرطة ضد المسلمين لا سيما الدعاة العرب، وحصلت مواجهات بين الطرفين قُتل على إثرها الكثير من المسلمين، ولاذ بالهروب الكثير منهم، ومن هؤلاء الذين واجهوا الإنجليز سليم بن عبد الله رئيس كوتاكوتا، وقُتِل ابن أخيه في هذه المواجهات مع من قتلوا.
تم تعيين أول مندوب سام لبريطانيا في ملاوي هو (هري جنستون) والذي أذاق المسلمين ايضا مرارة الظلم و الاضطهاد ، فقتل العديد منهم ببنادق الصيد في رحلاته السياحية عبر بحيرة نياسا .
انتشار التنصير عن طريق التعليم .
بدأت البعثات التنصيرية تحدث نجاحا ملموسا عندما منحتها السلطات الاستعمارية حق الإشراف على التعليم، ثم فرض تعليم الدين المسيحي في جميع المدارس في سنة 1927م وذلك بعد سقوط الامبراطورية العثمانية بعامين .
صدرت عدة قوانين تجعل من الدين المسيحي مادة إجبارية في جميع المدارس،و تم تشويه تاريخ العرب والمسلمين، وبث الانجليز المعلومات الكاذبة عن الإسلام، وفرضوا مادة علوم الإنجيل على المدارس وهي مادة إلزامية حتى اليوم في المراحل الأولى من التعليم ثم اختيارية بعد ذلك في المرحلة الثانوية، ورفض المسلمون إلحاق أبنائهم بمدارس البعثات التنصيرية، وكان التعليم قديما قبل احتلال ملاوي يتم باللغة العربية واللغة السواحلية، ثم تحولت لغة التعليم إلى الإنجليزية أو إلى اللهجات المحلية بحروف لاتينية، وهكذا تم القضاء على اللغة العربية و حرمان المسلمين من تعلم دينهم و فرض تعلم الدين المسيحى بالإكراه ، وأخذت التحديات تبرز في مجال التعليم المهني ايضا ، حيث أتيحت الفرص للمسيحيين وحرم منها المسلمون، ولقد أثر هذا الامر في تدهور المستوى الاقتصادي للمسلمين. كما أثر التخلف في التعليم على أحوال المسلمين الدينية فانقطعت صلتهم بالثقافة الإسلامية .
كما قامت بعض المدارس بتغيير سياسة إدارتها لمنع الطلاب المسلمين من الذهاب للمدارس الإسلامية بعد انتهاء اليوم الدراسي الحكومي وذلك بمد اليوم الدراسي حتى قرب المغرب وحلول الظلام، حتى يحرم أولاد المسلمين من الذهاب لمدرسة المسجد (الكتاتيب).
ويكثر فى مالاوى الزواج المختلط بين المسلمين و المسيحين فتجد امرأة مسلمة متزوجة من رجل مسيحي و كذلك العكس ايضا نظرا لجهل المسلمين بعد ابتعادهم عن الثقافة الاسلامية و تعاليم دينهم , و يتم نسب الولد إلى دين الام و ليس الاب فلو تزوج رجل مسلم مسيحية يكون الاولاد على دين الام ( مسيحيون ) طبقا للتقاليد المالاوية .
هل بدأ يستيقظ المسلمون ؟!
تلمس العالم العربي والإسلامي، إلى بؤس ومعاناة المسلمين هناك في الآونة الأخيرة، و قد قامت عدد من المجموعات الإسلامية لإعادة نشر الإسلام في ملاوي. و تثبيت المسلمين الباقين على دينهم , ويتم تنفيذ جزء كبير من هذا، من قبل وكالة المسلم الأفريقي، ومقرها في أنجولا.
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *